عندما
وصلنا إلى القاهرة، كانت كل اهتمامات المصريين وأحلامهم مشدودة إلى النادي
الأهلي الذي كان يوشك على لقاء فريق القطن الكاميروني، فكان الشعار الشعبي
حينها الذي قرأناه في كل وجوه أنصار الأهلي من المصريين، سواء البسطاء
منهم أو حتى الأثرياء ونخبة المجتمع...
وصلنا إلى القاهرة، كانت كل اهتمامات المصريين وأحلامهم مشدودة إلى النادي
الأهلي الذي كان يوشك على لقاء فريق القطن الكاميروني، فكان الشعار الشعبي
حينها الذي قرأناه في كل وجوه أنصار الأهلي من المصريين، سواء البسطاء
منهم أو حتى الأثرياء ونخبة المجتمع...
- * لا يعرفون إلا بلومي، ماجر وقاسي السعيد؟!
- (لا
قطن ولا صوف... الأهلي حيكسب والكل يشوف)، وهو ما تم فعلا خلال أيام قليلة
من تواجدنا في القاهرة، إذ كان من السهل جدا علينا ونحن نستطلع آراء
الشارع المصري أن نغازل بعض الأهلاوية بالقول إن فريقهم يوجد في أحسن رواق
للظفر باللقب، وبالتالي فهم أفضل بكثير من الزملكاوية الذين تفجرت داخل
ناديهم في الأشهر الأخيرة العديد من الأزمات والمشكلات فور الإعلان عن
تقديم الرجل القوي في الزمالك ممدوح إسماعيل لاستقالته عن رئاسة الفريق
(لا أعرف لماذا تذكرت حينها مشاكل شبيبة القبائل عقب استقالة محند الشريف
حناشي ثم رجوعه من النافذة لاقتسام الرئاسة؟!). - النادي
الأهلي في مصر ليس فقط فريقا رياضيا، ولكنه امتداد شعبي خرافي، من الصعب
أن تجد له شبيها في الجزائر، رغم وجود كثير من الفرق التي تستحق ذلك، ولكن
الأهلي هو أيضا أرمادة إعلامية تم تدعيمها مؤخرا بفضائية متخصصة، وهو
أيضا إمبراطورية من المال فيكفي القول مثلا أن سعر الطائرة الخاصة التي
أقلّت الفريق إلى الكاميرون كبّدت خزينته 200 ألف دولار، فيما جاءت دهشة
الجميع واضحة حين قيل إن تكلفة الأطعمة عليها تصل إلى 75 ألف جنيه مصري. - فوز
الأهلي كان الممر الأسهل لكي نسأل »حسن« النادل الذي يشتغل بمطعم (آخر
ساعة) في شارع طلعت حرب بوسط البلد، أي في قلب القاهرة، عن ثنائية مصر
والجزائر في الطريق إلى المونديال، قلنا له.. (مبروك الأهلي) فرد سريعا
(الله يبارك فيك يا باشا... هو حضرتك أهلاوي كمان)؟... هنا كان لابد من
كشف هويتي لأجيبه ثم أسأله في نفس الوقت..(لا، أنا جزائري وأظن أنك تعرف
أننا في مجموعة واحدة للمونديال)؟... رد حسن بسرعة (طبعا رغم أنني كنت
أتمنى أن لا نقع في مجموعة واحدة)... حسن مثل غيره من المصريين الكثيرين
الذين حاورتهم بالقاهرة، تكلّم معنا بدبلوماسية مفرطة بقوله إن مصر
والجزائر بلدان شقيقان لكن تلك الدبلوماسية لم تصمد طويلا حين كان البعض
يجيبنا في كل مرة نسألهم عن توقعاتهم بالقول إن المقابلة ستكون في متناول
الفراعنة... مؤكدين أن تحليلهم جاء (بالعقل والمنطق) مثلما كانوا يختمون
كلامهم في كل مرة، رغم أننا حاولنا استفزاز العديد منهم بقولنا دوما في
نهاية الاستجوابات... (إن الحلم مكفول للجميع وخصوصا في عالم الكرة
المستديرة)! - الشارع المصري لا يعرف اللاعبين الجدد
- في
كل مرة كنّا نسأل فيها المصريين عشوائيا في الشارع عن بعض أسماء اللاعبين
الجزائريين الذين يعرفونهم، أو يحتفظون بأسمائهم لديهم، كانوا يفكرون مرة
ومرتين وثلاث مرات قبل الإجابة بالنفي قائلين: (من الجدد لا نعرف... ولكن
من القدامى، هناك بلومي وماجر و...)... - الحاج
ثروت، التقيناه في شارع رمسيس، بمجرد ما أخبرناه أننا من الجزائر، رحب بنا
كثيرا في مصر مستعملا العبارة الشهيرة (أهلا ببلد المليون شهيد) ودون أن
نسأله، قال الحاج ثروت الذي يملك محلا للأطعمة إنه يعشق الجزائر من خلال
رئيسها أحمد بن بلا، فأدركنا حينها أن محاورنا قومي ناصري، وهو تيار يرفض
الانقراض في أمّ الدنيا بل لايزال صامدا في وجه تيارات أخرى كالإخوان
والليبراليين... حاولنا إرجاع الحاج ثروت لموضوعنا الأساسي عن الرياضة
بعيدا عن بن بلة وعبد الناصر.!.. فقال لنا »إنه يعرف جيدا ماجر، وبلومي
وصالح عصاد... وعن حادثة لخضر بلومي تحديدا، حدّثنا الحاج ثروت قائلا إنها
أساءت كثيرا لتاريخ العلاقات الرياضية بين البلدين وبأن النجم الجزائري
أخطأ ولم يعتذر«... حينها قلنا للشيخ، الذي قارب على الستين من العمر، إن
بلومي اعتذر متجاوزا وجود روايات أخرى تبرّئه من تلك التهمة المتعلقة
بالاعتداء على الطبيب المصري أصلا، ورغم كل محاولاتنا لنفي ما ترسخ في ذهن
الحاج ثروت من أفكار واعتقادات وأحكام مسبقة، إلا أنه في كل مرة كان يقول
لنا فيها »...بلومي أخطأ وقضى على مستقبل مواطن مصري ناجح«، فأدركنا حينها
أنه من الصعب بل من الاستحالة أن نمحو في لقاء قصير ما رسّخه الإعلام
والشارع لسنوات حتى ولو تدخل الانتربول الدولي ذاته لتبرئة بلومي؟! - قاسي السعيد... اسم في أرشيف الزمالك؟!
- كثيرون
ذكروا لنا اسمه في شوارع القاهرة، أو مهلا ليس هؤلاء (الكثيرون) إلا أنصار
نادي الزمالك وليس هو إلا قاسي السعيد الذي أكد حضوره في تاريخ الفريق
المصري العريق، خصوصا بعدما ظفر معه بلقب رابطة أبطال إفريقيا في عام 1995
، رفقة حازم إمام وأحمد الكاس وغيرهما... - إبراهيم،
سائق الطاكسي الذي نقلني من وسط مدينة القاهرة إلى الملعب الدولي، أخبرني
أثناء الطريق أن قاسي السعيد محفور في ذاكرة جميع الزملكاوية، ولكن
إبراهيم لم يمتنع عن مصارحتنا بالقول إن قاسي كان ضعيفا نسبيا بالمقارنة
مع بقية اللاعبين، كلام أو حكم لا يلزم أحدا، حتى من أنصار نادي الزمالك؟! - محمد، عامل بفندق رمسيس
هيلتون، شاب أسمر ظريف، أو خفيف الدم مثلما يقول المصريون، سألناه إن كان
أهلاويا أو زملكاويا، فأجاب بدون تردد... (زملكاوي طبعا)... ولذلك فهو
يعرف أيضا قاسي السعيد لكنه يعرف أيضا نذير بلحاج الذي يحترف بالبطولة
الانجليزية، ومحمد من أشد المتابعين لها، وهو يحفظ كل أسماء اللاعبين
الأجانب فما بالك بلاعب عربي مثل نذير بلحاج... حمدت الله أنني وجدت مصريا
يعرف لاعبا من النجوم الجدد، في الوقت الذي باءت فيه جميع المحاولات
لمساعدة بعضهم حتى بتذكيرهم ببعض الأسماء مثل آشيو ومصابيح (اللذين اعتقدت
أن المصريين لن ينسوهما بعد معركة خمسة أهداف مقابل هدفين)، خصوصا
(الحرامي الشريف) حسين آشيو الذي قهر الفراعنة في نهائيات كأس إفريقيا
بتونس قبل أربع سنوات... لكن ولا أحد تذكر... (من الذين سألناهم على
الأقل)؟! - تعرف عامل الفندق
محمد على نذير بلحاج، لاعب بورتسموث الانجليزي، جعلتنا نتصور لوهلة أن
بلحاج وهو أيضا صوت العقل داخل الفريق الوطني، والأكثر تفاؤلا بتجاوز عقبة
مصر في المونديال، سيصنع المفاجأة في التصفيات، كما أحسسنا حينها أن اسمه
سيتردد كثيرا في شوارع القاهرة وجميع مدن مصر قريبا جدا... ربما نعم وربما
لا، لكنه إحساس قوي؟! - </li>